نهج البلاغة
نسخة للطباعة

الموضوع:
|
التاريخ: 2013-01-17 15:45:18 |
في تنبيه الخلق:
عِبَادٌ مَخْلُوقُونَ اقْتِدَاراً، وَمَرْبُوبُونَ اقْتِسَاراً، وَمَقْبُوضُونَ احْتِضَاراً، وَمُضَمَّنُونَ أَجْدَاثاً، وَكَائِنُونَ رُفَاتاً، وَمَبْعُوثُونَ أَفْرَاداً، وَمَدِينُون جَزَاءً، وَمُمَيَّزُونَ حِسَاباً، قَدْ أُمْهِلُوا في طَلَبِ الْـمَخْرَجِ، وَهُدُوا سَبِيلَ الْمَنْهَجِ، وَعُمِّرُوا مَهَلَ الْمُسْتَعْتِبِ، وَكُشِفَتْ عَنْهُمْ سُدَفُ الرِّيَبِ، وَخُلُّوا لِمِضْماَرِ الْجِيَادِ، وَرَوِيَّةِ الارْتِيَادِ، وَأَنَاةِ الْمُقْتَبِسِ الْمُرْتَادِ، فِي مُدَّةِ الاَْجَلِ، وَمُضْطَرَبِ الْمَهَلِ.
وفي فضل التذكير:
فَيَا لَهَا أَمْثَالاً صَائِبَةً، وَمَوَاعِظَ شَافِيَةً، لَوْ صَادَفَتْ قُلُوباً زاكِيَةً، وَأَسْمَاعاً وَاعِيَةً، وَآرَاءً عَازِمَةً، وَأَلْبَاباً حَازِمَةً، فَاتَّقُواْ اللَّهَ تَقِيَّةَ مَنْ سَمِعَ فَخَشَعَ، وَاقْتَرَفَ فَاعْتَرَفَ، وَوَجِلَ فَعَمِلَ، وَحَاذَرَ فَبَادَرَ، وَأَيْقَنَ فَأَحْسَنَ، وَعُبِّرَ فَاعْتَبَرَ، وَحُذِّرَ فَحَذِرَ، وَزُجِرَ فَازْدَجَرَ، وَأَجَابَ فأَنَابَ، وَرَاجَعَ فَتَابَ، وَاقْتَدَى فَاحْتَذَى، وَأُرِيَ فَرَأَى، فَأَسْرَعَ طَالِباً، وَنَجَا هَارِباً، فَأَفَادَ ذَخِيرَةً، وَأَطَابَ سَرِيرَةً، وَعَمَّرَ مَعَاداً، وَاسْتَظْهَرَ زَاداً، لِيَوْمِ رَحِيلِهِ، وَوَجْهِ سَبِيلِهِ، وَحَالِ حَاجَتِهِ، وَمَوْطِنِ فَاقَتِهِ، وَقَدَّمَ أَمَامَهُ لِدَارِ مُقَامِهِ، فَاتَّقُواْ اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ، جِهَةَ مَا خَلَقَكُمْ لَهُ، وَاحْذَرُوا مِنْهُ كُنْهَ مَا حَذَّرَكُمْ مِنْ نَفْسِهِ، وَاسْتَحِقُّوا مِنْهُ مَا أَعَدَّ لَكُمْ بِالتَّنَجُّزِ لِصِدْقِ مِيعَادِهِ، وَالْحَذَرِ مِنْ هَوْلِ مَعَادِهِ.
التذكير بضروب النعم:
جَعَلَ لَكُمْ أسْمَاعاً لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا، وَأَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا، وَأَشْلاَءً جَامِعَةً لاَِعْضَائِهَا، مُلاَئِمَةً لاَِحْنَائِهَا، في تَرْكِيبِ صُوَرِهَا، وَمُدَدِ عُمُرِهَا، بِأَبْدَان قَائِمَةٍ بِأَرْفَاقِهَا، وَقُلُوبٍ رائِدَةٍ لاَِرْزَاقِهَا، فِي مُجَلِّلاَتِ نِعَمِهِ، وَمُوجِبَاتِ مِنَنِهِ، وَحَوَاجِزِ عَافِيَتِهِ، وَقَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ، وَخَلَّفَ لَكُمْ عِبَراً مِنْ آثَارِ الْمَاضِينَ قَبْلَكُمْ، مِنْ مُسْتَمْتَعِ خَلاَقِهِمْ، وَمُسْتَفْسَحِ خَنَاقِهِمْ، أَرْهَقَتْهُمُ الْمَنَايَا دُونَ الاْمَالِ، وَشَذَّبَهمْ عَنْهَا تَخَرُّمُ الاْجَالِ، لَمْ يَمْهَدُوا فِي سَلاَمَةِ الاَْبْدَانِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا فِي أُنُفِ الاَْوَانِ، فَهَلْ يَنْتَظِرُ أَهْلُ بَضَاضَةِ الشَّبَابِ إِلاَّ حَوَانِيَ الْهَرَمِ، وَأَهْلُ غَضَارَةِ الصِّحَّةِ إِلاَّ نَوَازِلَ السَّقَمِ، وَأَهْلُ مُدَّةِ الْبَقَاءِ إِلاَّ آوِنَةَ الْفَنَاءِ.